بين القاهرة وبيروت‮:‬ ‬ورش الكتابة الإبداعية من الدهشة إلى الرسوخ

أخبار الأدب – الأحد 22 من نوفمبر سنة 2009م – 05 من ذو الحجة سنة 1430هـ العدد 854

تحقيق: منصورة عز الدين


هل بدأت ورش الكتابة الإبداعية تحظي بالقبول بين الكتاب العرب؟

ما نستطيع أن نؤكده أنها أصبحت شيئا مألوفا إلي حد كبير، وربما يكون عام 2009 هو العام الذي شهد تواجدها بقوة بعيدا عن الأسئلة المندهشة أو المرتابة.

في مصر كانت مكتبة الكتب خان هي العراب الأول لها.. حماس مديرتها كرم يوسف حوَّل المكتبة إلي مركز ثقافي يحتضن نشاطات ثقافية وفنية متنوعة، جاءت ورش الكتابة في القلب منها.

رعت “كتب خان” ورشة للقصة القصيرة أشرف عليها الكاتب ياسر عبد اللطيف نتج عنها كتاب “السابعة ونصف من مساء الأربعاء”، وورشة أخري للكتابة الساخرة تحت إشراف الكاتب عمر طاهر، هذا غير ورشة للنقد يشرف عليها الناقد سيد البحراوي، وورشة للرواية الأولي بإشراف ياسر عبد اللطيف أيضا. الكاتب محمد عبد النبي الذي شارك في ورشة النقد في الكتب خان، أشرف بدوره علي ورشة للكتابة الإبداعية بمكتبة البلد، واعتاد أن يستضيف كل أسبوع كاتبا معروفا ينقل خبرته للمشاركين في الورشة..

في بيروت أيضا بدأت الروائية نجوى بركات بالتعاون مع دار الساقي ورشة بعنوان “كيف تكتب رواية؟”، كما سوف تبدأ الروائية إيمان حميدان يونس – ضمن فعاليات بيروت عاصمة ثقافية للكتاب- ورشة أخري مطلع 2010.

بدأت فكرة مشروع “كيف تكتب رواية” في ذهن بركات منذ أربع سنوات تقريبا، لكنها المرة الأولي التي تتمكّن من تطبيقها مكتملةً وذلك بفضل تبنّيها من قبل دار الساقي ووزارة الثقافة اللبنانية في إطار بيروت عاصمة عالمية للكتاب. تقام الورش خلال عام بأكمله، مع المجموعة نفسها، والمفترض أن تكون النتيجة روايات مكتملة تطبع وتوزّع كأي كتاب. جاءت الفكرة، من شعور صاحبة “باص الأوادم” “بانعدام الصلة بين كتّاب بلغوا مرحلة متقدّمة من التشكّل، وآخرين لا يزالون قيد التشكّل، وبضرورة ابتكار فضاء آخر يرتبط بشكل وثيق بإشكاليات الكتابة وأسئلتها، لا بما هو علي هامشها ممّا يعوقها ويبعدها عن جوهرها. أضيفي إلي ذلك عيائي من المناسبات الأدبية والثقافية التي لا تقيم تواصلا حقيقيا ولا تقدّم جديدا ولا تؤدي إلي نقل أي خبرات.

ثم أنني من الذين يرون الإبداع كفعل حوار وانفتاح وتبادل، ويؤلمني جدا أن معظم الكتّاب العرب قد ابتعدوا اليوم عمّا كان قد شكّل تقليدا لدي جيل الروّاد وعنصرا مؤسّسا لانطلاقة أدبية مهمة في حينه، ألا وهو دور “الرعاية” التي كان يمارسها الأديب الكبير مع الأديب الشاب… أنا لا أدّعي أني “أرعي” المشاركين في محترفاتي، لكنّي أؤدي ربما دور من يناقشهم ويحاورهم في صلب عملية الكتابة الروائية، وهو دور يتوافر ما يقاربه مثلا في معظم دور النشر الأجنبية والعالمية، في حين أنه غائب كلّية عن دور النشر العربية”.

أسألها: ما الآليات التي تتبعينها مع الكتاب المشاركين في الورشة؟

فتجيب: “باختصار أنا أحاول أن أنقل إلي المشاركين شيئا من كيمياء الكتابة متمثلةً بتقنيات سردية ليست من اختراعي، أي بعضا من أصول فن الرواية وأدواته ومشكلاته وحلوله، وذلك بهدف مساعدتهم علي التعبير عن أنفسهم، بأدواتهم الخاصة، وتأمين بعض ما يحتاجون إليه لكتابة ما يريدونه هم، بأفضل الشروط. أنا لا أعطي محاضرات نظرية أو دروسا جامعية، بل أعمل علي مادة حيّة، عملية، هي مشروع روائي يقدّمه المشارك وأرافقه في كتابته من الدرجة صفر وحتي اكتماله. دوري هو قتل الرقيب القابع في داخل كلّ منّا، وهو نفض الغبار وكسر السائد علي مستوي اللغة والأسلوب، وهو تحفيز المخيّلة، والمواكبة واستكشاف الدرب، والتحذير من الفخاخ والطرق المسدودة… أنا أقترح حلولاً وسبلاً لبلوغ هدف يحدده المشاركُ بنفسه، أدواتٍ للعمل، واحتمالاتٍ له أن يستغلّها أو أن يخترع بدائل عنها. فالمهمّ في النهاية، هو أن يدرك المشاركُ بأن الكتابة الروائية ليست عملية عشوائية، وبأنه مطالب بأن يكون “مايسترو” عمله، أي ذاك المدرك والواعي لإمكانيات ما يتوافر له من آلات، ولكيفية تنسيقها وضبطها لكي تصل بمعزوفته إلي أرقي المستويات”.

– لكن ما المواصفات المطلوبة في الكاتب التي تمكنه من الإشراف علي مثل هذه الورش؟ بمعني آخر هل يستطيع كل روائي نقل تجربته للآخرين أم أن الأمر يتطلب مواصفات خاصة؟

– “الرواية كما تعلمين فنّ معقّد ومركّب وهي تتطلّب نفَـسا طويلا وقدرة علي خلق عوالم وشخصيات وأحداث، أي أنها عملية واعية ومدروسة، وقد تكون أصولها شبيهة بأصول الهندسة المعمارية، من دون أن ينفي عنها ذلك جانبَها المفاجئ، أو السحريّ. وهذا ما لا ندركه نحن العرب بشكل عام، بسبب نظرتنا إلي قدسية اللغة وقدسية الكتابة وقدسية النصوص. فتريننا نقصر عملية الكتابة علي هبوط الوحي والإلهام، مبقين إياها في دوائر الخلق العليا. النظرة هذه، وإن كانت صحيحة، تبقي مجتزأة وتبسيطية، إذ أنها تنفي عن الكتابة الروائية جانبها “التقنيّ”، أي ذاك المتصّل بالوعي والجهد والثقافة والبناء والحرفة.

فإذا كان بإمكاننا، ككتّاب، أن نتدخّل في هذا الجانب بالذات، أي إذا كنا قادرين علي معاينة العمل الروائي ككلّ، عبر مختلف جوانبه وزواياه، بغية استكشاف مكامن قوته وضعفه، وإذا كنّا نملك أدوات التدخّل، أي ثقافة روائية معيّنة وقدرة علي التواصل وعلي إيصال الأفكار، أمكننا حينها أن نقيم مثل تلك الورش.

إلا أن ما يخشاه معظم المتحفظين علي الورش، هو “تصدير” أسلوب الكاتب المشرف علي الورشة إلي المشاركين. التحفّظ هذا مشروع، لكنه غير واقعي، إذ يكفي أن نتذكّر كم أن الكتابة هي فعل خصوصيّ وفرديّ وحميم، وكم أنها عملية مغلقة لا ترضخ بيسر لرغبة تفكيكها أو سبر أسرارها، لكي ندرك أن لا أحد يستطيع تعليم طريقته في الكتابة!

“أما إيمان حميدان يونس فعلاقتها بتدريس الكتابة الابداعية تعود لعام 1988 في كلية القديسة تيفاني التابعة لمدرسة يسوع ومريم في لبنان. لم يكن اسم المادة “الكتابة الابداعية” لأن المصطلح جديد الي حد ما في لبنان كما تقول. كان صفها اسمه أدب الأطفال وكتابة القصة القصيرة الموجهة للأطفال. كان علي كل تلميذة كتابة قصصها الخاصة ونشرها في كتيب صغير وكان من مهام يونس كمعلمة متابعة تجارب التلميذات في كتابتهن، تطويرها ومساعدتهن علي قول ما يردن قوله بطريقة أفضل.

عاشت صاحبة “توت بري” تلك التجربة حتي قبل ان تنشر اي من كتبها. ثم بدأت عام 2007 تعليم الكتابة الابداعية في الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من البرنامج العالمي للكتابة الابداعية في جامعة ايوا. حيث تشترك كل عام بتدريس الكتابة الإبداعية لتلاميذ عرب. يتم اختيارهم ضمن برنامج تبادل ثقافي ينظمه البرنامج العالمي للكتابة الابداعية في جامعة ايوا. يتراوح سن التلاميذ المشتركين بين 15 و18 سنة.

“أردت نقل هذه التجربة إلي لبنان وخاصة إلي مناطق الأطراف ذلك أن العاصمة تنعم بمعظم إن لم أقل كل النشاطات الأدبية والثقافية. لذا اسست الراوي وهو مركز ثقافي من أهدافه الأولي اقامة ورش عمل للكتابة الابداعية”. تقول يونس: الورشة الأولي ستقام في قضاء عالية (في جبل لبنان). وستتكرر التجربة في بلدات عدة. أما الشباب المستفيد فهم من تلاميذ المدارس والجامعات الذين يرغبون في الكتابة.

أسألها: هل ثمة أهداف محددة لهذه الورش؟

فترد: “بالطبع المتعة هدف أساسي للكتابة. إلا أن أهداف ورش العمل هذه تصل إلي أماكن أخري أقلها إعادة الاعتبار للقراءة في أمكنة بعيدة عن المركز. أيضا تطوير ملكة التعبير عن الذات وعن رؤيتنا للعالم. التعبير عن كل ذلك بأكثر الوسائل حضارة.

تخيلي أن يكون من ضمن صفي أطفال عاشوا حرب إسرائيل علي لبنان عام 2006 تخيلي ماذا سيكتبون؟ وكيف سيعبرون عن تجربتهم هذه؟ أؤمن أن الكتابة هنا تلعب دورا علاجيا. هي في قلب إعادة الاعتبار للذاكرة ومواجهة للنسيان القسري. هل أجرؤ علي القول إن في بلد كلبنان يعيش حروبا في الداخل والخارج معا، ربما تنقذنا الكتابة الابداعية من حروب مستقبلية”.

بجانب إقامة ورش الكتابة الإبداعية، يهدف مشروع “الرواي” إلي نشر كتب تعليمية حول الكتابة الإبداعية باللغة العربية، استضافة كتاب لبنانيين وغير لبنانيين والسعي الي نشر لكتاب جدد وكتابات جديدة، وانشاء نادي سينما ببرنامج سنوي يرفق العروض بالنقاش ويستضيف عددا من النقاد والخبراء. غير أن الهدف الأساسي لمؤسسة “الراوي” هو: “تجديد الحيوية الثقافية للأطراف. فتمركز النشاطات الثقافية جمهورا ومبدعين في العاصمة وانحسارها عن باقي البلد يؤديان الي حرمان أكثر من نصف اللبنانيين من أقل نشاط ثقافي. أكثر المناطق اللبنانية لا تحظي طوال العام بنقاش جاد أو امسية موسيقية أو فيلم جيد أو امسية ادبية والمرات النادرة التي يحصل فيها ذلك يحظي اي نشاط بحفاوة كبيرة تدل علي تعطش حقيقي”.

***

الكاتب اللبناني هلال شومان مؤلف رواية “ما رواه النوم” الصادرة منذ شهور عن دار ملامح، والمشارك في ورشة “كيف تكتب رواية؟” التي تشرف عليها الروائية نجوي بركات لا ينكر أن شعورا بالهزأ انتابه ما إن فتح رسالة البريد الالكتروني التي حملت إليه دعوة للإشتراك في الورشة. مدعاة السخرية هذه كان عنوان الدعوة: “كيف تكتب رواية؟”. بدا العنوان له غير مفهوم. “هل يمكن “تعليم أصول” كتابة الرواية؟ هل من “أصول” أصلاً؟ هل الأمر عبارة عن خطوات مدروسة ووصفات معلبة تنتقي مقاديرها بإشراف للخروج بالناتج النهائي؟ شيء ما جعلني أنفر في البدء. تكلمت مع أصدقاء، وسمعت الرأيين: رأي يقول بحميمية الكتابة وأن ورشة كهذه ستفرض قيوداً علي هذه الحميمية مسائلاً صلاحيات المشرف أو المنشِّط، ورأي آخر حثني علي الاشتراك من باب التجربة. “شو رح تخسر؟ إذا ما وجدت نفسك في لحظة ما غير مرتاح للعملية بأكملها، إنسحِب!” “.

من بين الأسباب التي دفعت شومان للاشتراك في الورشة رغبته في خوض تجربة إنتاج عمل آخر بعد روايته الأولي. غير أن قرار المشاركة استدعي سؤالاً مفاده: هل الاشتراك في ورشة بعد إصدار كتاب أول _بغض النظر عن تقييم الكتاب- هو خطوة إلي الوراء؟ “بدا السؤال أساسياً، لكن شعور الفضول لم يفارقني منذ تلك اللحظات القليلة التي تلت الابتسامة الساخرة” يقول “اسم المنشِطة (نجوي بركات)، كان كفيلاً ببعث شعور بالارتياح والأمان، تعاظم مع اسم الدار التي تبنت مشروع بركات (دارالساقي). هناك أيضاً الفعالية التي تجري تحتها هذه الورشة “بيروت عاصمة عالمية للكتاب”. لن أكذب. هذه ظروف مؤاتية لإنتاج عمل قد يأخذ حقه أكثر في التوزيع والنشر. هذه ظروف تغري أي كاتب شاب لا يعاني من حساسية مناقشة ما يكتبه وهو في طور الكتابة”.

– هل يوجد تدخل مباشر من المشرفة علي الورشة في النص الذي تكتبه؟

– “كنت أتوقع تدخلاً مباشراً ما. لكن أياً من هذا لم يحصل. تكتفي نجوي برمي الشك. عليك بعدها أن توافق أو لا توافق بعد نقاش التفصيل. الأمر عائد لك. وكنت قد اتخذت قراراً بخوض التجربة إلي مداها. وددتُ أن أجرب شيئاً جديداً بعيداً عن تجربتي اليتيمة الأولي. وددت أن أركز علي الحبكة أكثر بعيداً عن لعبة المزاج العام الممتد في مونولوج الكتاب الأول.

الجلسة الأولي كانت عرضاً لمقترحات المشاركين. تكلم كل منا ما يقرب الساعة عن مقترحه الذي تقدم به. تلخيص المقترح يرمي فوراً إلي تبسيطه وربما تتفيهه. هذه مشكلتي الدائمة مع الملخصات. لكني لخصت وناقشت كما غيري. شيء ما في المناقشة جعلنا نقف علي مسافة بعيدة من مقترحاتنا. علي أعلي المبني، نلحظ التفصيلات المشوِّشة علي مسار القصة أو الثيمة الأساسية للمقترح. أسئلة بعضنا عن مقترحاتنا كانت كفيلة بلفت النظر لبعض التفاصيل، بشدشدة بعضها، وبحذف أخري إن قرر المشترك ذلك. الأمر أشبه بالعمارة. ترمي الأساسات في البدء. تنظمها. تصب فوقها تفصيلاً وآخر. ما يختلف أن عمارتك تتعرض للمراجعة الدائمة وكل مرة منذ البدء”.

يضيف شومان أن المرحلة الأولي تضمنت مناقشة المقترحات وحذف المشوِّشات والكلام علي الشخصيات. في نهايتها، بدأ كل مشارك الكتابة انفرادياً وتلا ذلك جلسات قراءات انفرادية للفصول مع نجوي، لتحديد ما إذا كان ما كتبوه يناسب المزاج العام للثيمة الروائية التي اختارها كل منهم ولا يشوِّش علي قصده الأساسي. “أنا مثلاً كتبت الفصل الأول أكثر من ثلاث مرات. قد أعيد كتابته مجدداً. لا أعرف. البداية مؤرقة وتحتمل الكثير من الضغط. الطريق إن بدأت مزعجة في بدايتها لا تغري الماشي عليها بالتكملة. العودة لسلوك طريق آخر سهل إذا لم يقرأ القارئ كثيراً، لكن إن تخطي المرحلة هذه وجد نفسه تواً متورطاً بتكملة ما بدأ قراءته”.

الامتحان الأول بالنسبة لشومان تمثل في قدرته علي التعرف علي شخصياته. هل يراها فعلاً قبالته تتحرك؟ ماذا تلبس؟ كيف تتكلم؟ ما صفاتها الأساسية؟ المستوي الثاني كان البعد النفسي للشخصيات الذي يختفي تحت الطبقة الأولي للصفات الأساسية؟ كيف يجعل القارئ يلمح هذا المزاج من دون أن يدله عليه بإصبعه؟

هو في النهاية يصف الأمر بالورطة. “أنا الآن متورط بكتاب. أشعر للحظات أنه يُخلَق متفلتاً من بين يدي. هل هذا يعني أن الشخصيات نهضت ومشت الطريق إياه؟ لا أعرف. أعرف أننا كلنا متورطون. أنا وشخصياتي (هل هي شخصياتي حقاً؟)، وربما المنشِّطة نجوي. لا أعرف.

أنا واثق أني أشهد عملية خلق جميلة، يذكرني هذا الشعور والجمال والارتياح بالإحساس الذي انتابني وأنا أحقق كتابي الأول اليتيم. هل أنجح في إتمام هذه التجربة؟ أستطيع أن أقول أني بتٌُ الآن أكثر قدرة علي التشبيع: تشبيع اللحظات والأحداث والشخصيات. أعرف أنه في لحظات يبدو الأمر سهلاً، وفي أحيان أخري أمضي أياماً قبل أن أخط جملة واحدة. الأمر أشبه برواق يحوي أبواباً مفتوحة، وأخري مواربة، وأخيرة مقفلة”.

***

ورشة نجوى بركات تتشابه مع ورشة الرواية الأولي التي أشرف عليها ياسر عبد اللطيف في مكتبة “كتب خان” من حيث إن الهدف هو أن يكتب كل مشارك رواية أثناء الورشة، لكن إلي أي مدي تشابهت آلية العمل، والخبرة التي خرج بها المشاركون؟

الكاتب والمدوِّن محمد ربيع) أحد الكتاب المشاركين في ورشة الكتب خان) يقول إن طريقة العمل في الورشة تمثلت في أن يكتب كل كاتب من المشاركين جزءا من الرواية التي يعمل عليها، ثم يقرأ هذا الجزء في الورشة بحضور زملائه والمشرف. بعد القراءة تتم المناقشة، حيث يعلق ياسر ومعه باقي المشاركين، وهذه التعليقات تكون مجرد اقتراحات. “ياسر كان يعتبر أحد المشاركين معنا في الورشة، مع فارق أنه كان من ينسق المواعيد وجدول العمل، هو أيضا كان أكثر من يناقش ما تتم قراءته، دائما ما يكون له تعليق علي ما يُقرأ”.

حين سألته هل كان هناك كلام نظري في البداية حول تقنيات الكتابة أو كيفية تخليق الشخصية الروائية ورسمها، نفي ربيع ذلك لكنه أشار إلي أنه أثناء النقاش يكون هناك أحيانا ملاحظات مثل أن “دوافع شخصية روائية ما قليلة أو غير واضحة”.

دخل ربيع الورشة باعتبارها تجربة سيكملها لو أعجبه الأمر. لم يكن لديه موقف مسبق من ورش الكتابة الإبداعية، ولم يشعر بأي مشكلة في أن يشترك في إحداها، فقط كان لديه بعض الخوف من ألا يلقي ما يكتبه رضا زملائه.. وعما إذا كانت الورشة قد أضافت له مزيدا من الاحترافية في التعامل مع الكتابة، يقول ربيع: “لا أعرف معني الاحترافية، ما أعرفه أني قبلها كنت أكتب نصوصا قصيرة، لكن الورشة ساعدتني علي الانتهاء من روايتي الأولي وعنوانها “كوكب عنبر”. في البداية كان لدي الفكرة، لكن كان هناك نوع من التعثر في الكتابة، وعرفت بالورشة من أحد الأصدقاء عن طريق الصدفة، فاشتركت بها بعد أن بدأت بثلاثة أسابيع. بدأت روايتي في مارس وأنهيتها في أغسطس، لكنني الآن في مرحلة المراجعة والتنقيح، ومن المقرر أن تنشرها دار النشر التابعة للكتب خان”.

بطبيعة الحال لا يزال هذا التقليد في بدايته في العالم العربي، ومن غير الممكن الحكم علي نتائجه قبل متابعة نتاجات من شاركوا في هذه الورش بدرجة أكبر، غير أن المكسب الحقيقي _ حتي الآن- هو أنه أصبح هناك نوع من القبول لفكرة الورشة الإبداعية، والاعتراف بأن الكتابة – إلي جانب الموهبة- تتطلب نوعا من الدأب والاحترافية.

هذا المنشور نشر في المحترف في الصحافة. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق